حمل مصحف

حمل المصحف

فهرست اسماء صلاح التعليمية

فهرست اسماء صلاح التعليمية

السبت، 8 مايو 2021

المسيح الدجال عرض اخر - أعظمُ فتنةٍ في الأرضِ (فتنة الدَّجال)

 عرض  الألوكة 

أنذركم المسيح الدجال

متى يخرج الأعور الدجال؟

علامات خروج المسيح الدجال، نعوذ بالله من شر فتنته

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَنْ لا نبيَّ بعده، أما بعد:

فاتِّباعًا لمنهاج النبوة، وسيرًا على خُطَى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في التحذير من المسيح الدجال؛ كما قال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه أحمد في مسنده (14112) بإسناد صحيح، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه: ((ما كانت فِتْنةٌ، ولا تكونُ حتى تقومَ الساعة - أكبرَ من فِتْنة الدجَّال، ولا من نبيٍّ إلَّا وقد حذَّرَه أُمَّتَه، ولأُخْبِرَنَّكُم بشيءٍ ما أَخْبَرَه نبيٌّ أُمَّتَه قبلي))، ثم وضع يده على عينه، ثم قال: ((أشهد أنَّ الله ليس بأَعْوَر)).

 

استعنتُ بالله، ولا معينَ لي على الحقيقة سواه في جَمْع علامات خروجه من دواوين السنة؛ ليكون المؤمن على بيِّنة من ربِّه، وبصيرة من نفسه، وكُلٌّ حجيجُ نفسه، بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، والمعصوم من عصمَه الله بفضله ورحمته.

 

وقد جرى قَدَرُ الله - وهو أهل الفضل والمنَّة - أن تكون هذه العلامات محسوسةً ملموسةً، يمكن لكل مُراقِبٍ لآيات الله في الآفاق والأنفُس، وما يجري في دُنْيا الناس اليوم من أحداث هائلة جِسامٍ، أن يرصُدَها واحدةً تِلْوَ الأخرى؛ ذلك لمن كان يَقِظَ القلب، مُشفِقًا من شأن الآخرة، مستعدًّا لها؛ كما قال تعالى﴿ اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ * يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ[الشورى: 17، 18].

 

هذا، وقد تحصَّلَ لي من البحث بعون الله نحو من سِتَّ عشرةَ علامةً، وهي على النحو الآتي:

1 - نسيان ذكره على ألسنة الناس عامةً، وعلى ألسنة الأئمة في منابرهم خاصَّةً:

ثَبَت ذلك في زوائد مسند أحمد (4 /72)؛ فعن راشد بن سعد، قال: لَمَّا افْتُتِحَتْ إصْطَخْرُ، فإذا مُنادٍ: ألا إنَّ الدجَّال قد خرج، قال: فلَقِيَهُمُ الصَّعْبُ بن جَثَّامة، فقال: لولا ما تقولون لأخْبَرْتُكم أنِّي سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يَخرُجُ الدَّجَّالُ حتى يَذْهَلَ الناسُ عن ذِكْرِه، وحتى تترُكَ الأئمَّةُ ذِكْرَه على المنابر))؛ قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (7/ 335): "رواه عبدالله بن أحمد من رواية بَقِيَّة، عن صفوان بن عمرو، وهي صحيحة، كما قال ابن معين، وبقيَّة رجاله ثقات"، وصحَّح الألباني الرِّواية في قصة المسيح الدجال، صـ30، وهي مختلف في صحَّتِها بين أهل الحديث.

 

2 - بعث المهدي رضي الله عنه وفتح القسطنطينية، كما جاء في صحيح ابن حِبَّان 6786 بإسناد صحيح على شرط مسلم، عن أسير بن جابر، قال: هاجت ريحٌ ونحن عند عبدالله، فغضِبَ ابنُ مسعودٍ حتى عرَفنا الغَضَبَ في وجهه، فقال: ويحَكَ! إنَّ الساعةَ لا تقوم حتى لا يُقْسَمَ ميراثٌ، ولا يُفْرَحَ بغنيمةٍ، ثم ضرب بيده إلى الشام، وقال: عَدُوٌّ يجتمع للمسلمين من ها هُنا فيلتقُون، فتُشْتَرَط شُرْطَةُ الموت: لا ترجع إلا وهي غالبة، فيقتتلون حتى تغيب الشمس، فيفيء هؤلاء وهؤلاء، وكلٌّ غيرُ غالبٍ، وتَفنى الشُّرطة، ثم تُشْتَرَطُ الغَدَ شُرْطةُ الموت: لا ترجع إلَّا وهي غالبةٌ، فيقتتلون حتى تغيب الشمس، فيفيء هؤلاء وهؤلاء، وكلٌّ غيرُ غالبٍ، وتفنى الشرطة، ثم تُشْتَرط الغَدَ شرطة الموت في اليوم الثالث: لا ترجع إلَّا وهي غالبةٌ، فيقتتلون حتى تغيب الشمس، فيفيء هؤلاء وهؤلاء، وكلٌّ غيرُ غالبٍ وتفنى الشرطة، ثم يلتقون في اليوم الرابع، فيقاتلونهم ويهزمونهم حتى تبلُغ الدِّماءُ نَحْرَ الخيل، ويقتتلون حتى إن بني الأب كانوا يتعادُّون على مائة، فيُقتَلُون حتى لا يبقى منهم رجلٌ واحدٌ! فأيُّ ميراثٍ يُقْسَم بعد هذا؟! وأيُّ غنيمةٍ يُفْرَح بها؟! ثم يستفتحون القسطنطينية، فبينما هم يَقْسِمُون الدنانير بالتِّرَسة، إذ أتاهم فَزَعٌ أكبرُ من ذلك، إن الدجَّال قد خرَج في ذراريكم، فيرفُضون ما في أيديهم ويُقبِلون، ويبعثون طليعةَ فوارس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هم يومئذٍ خيرُ فوارس الأرض، إني لأعْلَمُ أسماءَهم وأسماء آبائهم وقبائلهم، وألوانَ خيولهم)).

 

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عُمْرانُ بيت المقدس خرابُ يَثْرِبَ، وخرابُ يَثْرِبَ خُرُوجُ المَلْحَمة، وخُرُوجُ المَلْحَمة فَتْحُ القُسْطنطينية، وفتْحُ القُسْطنطينية خُروجُ الدَّجَّال))، ثم ضرب على فَخِذِه أو على مَنْكِبِه، ثم قال: ((إنَّ هذا لحَقٌّ كما أنَّكَ قاعدٌ))؛ أخرجه أحمد في مسنده 22023، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع، 4096.

 

3- قلة العرب حين خروجه؛ لما أخرجه أحمد في مسنده 27620 بإسناد صحيح على شرط مسلم من رواية أبي الزبير، أنه سَمِعَ جابر بن عبدالله، يقول: أخبرتني أُمُّ شَرِيكٍ، أنها سَمِعَتْ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لَيَفِرَّنَّ الناسُ من الدَّجَّال في الجبال))، قالت: أُمُّ شَرِيكٍ يا رسول الله، فأين العرب يومئذٍ؟ قال: ((كُلُّهم قليلٌ)).

 

4 - الجوع الشديد؛ لِما جاء في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال، التي أخرجها ابنُ ماجه في سُنَنِه 4077، وفي سندها ضَعْفٌ، لكن صحَّح الشيخ الإمامُ الألبانيُّ رحمه الله الحديث بطُرُقِه وشواهده في صحيح الجامع 7875، وفي قصة المسيح الدَّجَّال صـ138، وفيه: ((وإنَّ قبل خُروج الدجَّال ثلاثَ سنواتٍ شِدادٍ، يُصيب الناسَ فيها جوعٌ شديدٌ، يأمُر اللهُ السماءَ السنةَ الأولى أن تَحبِسَ ثُلُثَ مَطَرِها، ويأمُر الأرضَ فتحبِسُ ثُلُثَ نباتِها، ثم يأمُر السماءَ في الثانية، فتحبِسُ ثُلُثَي مَطَرِها، ويأمُر الأرضَ فتحبِسُ ثُلُثَي نباتِها، ثم يأمُر اللهُ السماءَ في السنة الثالثة، فتحبِسُ مَطَرَها كُلَّه، فلا تقطُرُ قطرةً، ويأمُر الأرضَ، فتحبِسُ نباتَها كُلَّه، فلا تُنبِت خضراءَ، فلا تَبقى ذاتُ ظِلْفٍ إلَّا هَلَكَتْ، إلَّا ما شاء اللهُ عز وجل))، قيل: فما يعيش الناس في ذلك الزمان؟ قال: ((التهليل والتكبير والتسبيح والتحميد، ويَجزي ذلك عنهم مَجزأةَ الطعام)).

 

5 - بعد فتنة الدُّهَيْماء نعوذ بالله من شرِّها؛ فقد أخرج الإمام أبو داود في سُنَنِه 4242 بإسناد صحيح عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، يقول: كنا قُعُودًا عند رسول الله، فذكر الفتن، فأكثر في ذكرها حتى ذكر فتنة الأحْلاس، فقال قائل: يا رسول الله، وما فتنة الأحْلاس؟ قال: ((هي هَرَبٌ وحَرَبٌ، ثم فتنة السَّرَّاء، دَخَنُها من تحت قَدَمَي رجُلٍ من أهل بيتي، يزعُم أنه منِّي، وليس منِّي، وإنَّما أوليائي المتَّقون، ثم يصطلِحُ الناس على رجل كوَرِكٍ على ضِلَعٍ، ثم فتنة الدُّهَيْماء، لا تَدَع أحدًا من هذه الأُمَّة إلا لَطَمَتْهُ لَطْمَةً، فإذا قيل: انقضَت، تمادَتْ، يُصبِح الرجلُ فيها مؤمنًا، ويُمسِي كافرًا، حتى يصيرَ الناسُ إلى فُسْطاطين: فُسْطاط إيمانٍ لا نِفاقَ فيه، وفُسْطاط نِفاقٍ لا إيمانَ فيه، فإذا كان ذاكم، فانتظروا الدجَّال من يومه أو من غده)).

 

وعن حذيفة رضي الله عنه، قال: ((تكون ثلاث فتن، الرابعة تسُوقُهم إلى الدَّجَّال التي ترمِي بالنَّشَف، والتي ترمي بالرَّضْف، والمظلمة التي تمُوجُ كموجِ البحر))؛ إسناده صحيح، أخرجه ابن أبي شيبة في مصنَّفه (37132)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (1 /273)، وله حكم الرَّفْع للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه من أمر الغيب، وليس مِن قبيل الرأي.

 

قال ابن منظور في لسان العرب (9 /330): (النَّشَفُ: وهي حجارة سُود كأنَّها أُحْرِقَتْ بالنار، وإذا تُركت على رأس الماء طفَتْ ولم تَغُصْ فيه، وهي التي يُحَكُّ بها الوسخُ عن اليد والرجل، ومنه حديث حذيفة: ((أظلَّتكم الفِتَن ترمي بالنَّشَف، ثم التي تليها ترمي بالرَّضْف))؛ يعني: أن الأولى من الفِتَن لا تُؤثِّر في أديان الناس لخفَّتها، والتي بعدها كهيئة حجارة قد أُحْمِيَتْ بالنار، فكانت رَضْفًا، فهي أبلغُ في أديانهم وأثْلَمُ لأبدانهم).

 

6، 7، 8، 9 - توقُّف نخيل بيسان عن الإثمار، وجفاف بحيرة طبرية، واستمرار تدفُّق عين زغر، واستمرار زرعها، وظهور النبي صلى الله عليه وسلم على الكفار، وهذه العلامات كلها جاءت في سياق واحد، في قصة تميم الداري رضي الله عنه في صحيح مسلم، وفيها: (فقال يعني: المسيح الدجال): أخبروني عن نخل بيسان، قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: أسألكم عن نخلها، هل يُثمِر؟ قلنا له: نَعَم، قال: أما إنه يُوشِكُ ألَّا تُثمِر، قال: أخبروني عن بحيرة الطبريَّة، قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل فيها ماء؟ قالوا: هي كثيرة الماء، قال: أما إن ماءها يُوشِك أن يذهب، قال: أخبروني عن عين زُغَر، قالوا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل في العين ماء؟ وهل يزرع أهلها بماء العين؟ قلنا له: نعم، هي كثيرة الماء، وأهلها يزرعون من مائها، قال: أخبروني عن نبي الأُميِّين ما فعل؟ قالوا: قد خرج من مكة ونزل يثرب، قال: أقاتلَه العرب؟ قلنا: نعم، قال: كيف صنع بهم؟ فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه، قال لهم: قد كان ذلك؟ قلنا: نعم، قال: أما إن ذاك خيرٌ لهم أن يُطيعوه، وإني مخبرُكم عني، إني أنا المسيح، وإني أُوشك أن يؤذَنَ لي في الخروج).

 

10- عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يَنْشأ نَشْءٌ يقرؤون القرآن، لا يجاوز تَراقِيَهم، كلَّما خرج قَرْنٌ قُطِعَ))، قال ابن عمر: سمِعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كلما خرج قَرْنٌ قُطِع)) أكثر من عشرين مرةً، ((حتى يخرُج في عِراضِهم الدَّجَّال))؛ أخرجه ابن ماجه 174 بإسناد حسن.

 

11- أن يكون زمان خروجه زمانَ اختلافٍ بين الناس وفُرْقة؛ لما أخرجه ابن حِبَّان في صحيحه 6821، وصحَّحه، وصحَّحه الألباني في التعليقات الحِسان، عن أبي هريرة رضي الله عنه يقول: أُحدِّثُكم ما سمِعْتُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق: حدَّثنا رسول الله أبو القاسم الصادق المصدوق: ((إنَّ الأعْوَرَ الدَّجَّال مَسِيحَ الضلالة يخرُج من قِبَلِ المَشْرق، في زمانِ اختلافٍ من الناس وفُرْقةٍ...)).

 

وعن أبي الطفيل قال: كنتُ بالكوفة، فقيل: خرج الدجال، قال: فأتينا على حذيفة بن أسيد رضي الله عنه وهو يُحدِّث، فقلت: هذا الدجال قد خرج، فقال: اجلِس، فجلستُ فأتى عليَّ العرِّيف، فقال: هذا الدَّجَّال قد خرج وأهل الكوفة يُطاعِنُونه، قال: اجلِس، فجلسْتُ، فنُودي: إنها كذبةٌ صباغٌ، قال: فقلنا يا أبا سَرِيحة، ما أجلستنا إلَّا لأمرٍ، فحدِّثنا، قال: ((إنَّ الدَّجَّال لو خرج في زمانِكم لرَمَتْه الصِّبْيانُ بالخَذْف، ولكن الدَّجَّال يخرُج في بُغْضٍ من الناس، وخِفَّة من الدين، وسُوء ذات بَيْنٍ ...)).

 

أخرَجه الحاكم في مستدركه (4/ 529 -530)، وعبدالرزاق (20827) مختصرًا، وقال الحاكم: (صحيح الإسناد على شرط البخاري ومسلم)، ووافَقه الذهبي، وصحَّحه الألباني في قصة المسيح الدجال صـ106.

 

12- ظهور دعاة الضلال؛ لما أخرجه أحمد في مسنده (24329) بإسناده، بسند حَسَن، عن خالد بن خالد اليشكري، قال: خرجتُ زمان فُتِحَتْ تُسْتَر حتى قدِمتُ الكوفةَ، فدخلتُ المسجد، فإذا أنا بحَلْقةٍ فيها رجلٌ صَدْعٌ من الرجال، حَسَنُ الثَّغْر، يُعرَف فيه أنه من رجال أهل الحجاز، قال: فقلت: مَنْ الرجلُ؟ فقال القوم: أو ما تعْرِفُه؟! فقلت: لا، فقالوا: هذا حذيفة بن اليَمان، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقعدتُ وحدَّثَ القوم، فقال: إن الناس كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنتُ أسألُه عن الشرِّ، فأنكر ذلك القوم عليه، فقال لهم: إنِّي سأُخْبِركم بما أنكرتُم من ذلك، جاء الإسلام حين جاء، فجاء أمٌر ليس كأمرِ الجاهلية، وكنتُ قد أُعطِيتُ في القرآن فَهْمًا، فكان رجال يَجيئون فيسألون عن الخير، فكنتُ أسأله عن الشرِّ، فقلت: يا رسول الله، أيكون بعد هذا الخير شرٌّ كما كان قبله شرٌّ؟ فقال: ((نعم))، قال: قلت: فما العِصْمة يا رسول الله؟ قال: ((السيف))، قال: قلت: وهل بعد هذا السيف بقيَّة؟ قال: ((نعم، تكون إمارة على أقْذاءٍ وهُدْنة على دَخَن))، قال: قلت: ثم ماذا؟ قال: ((ثم تنشأ دُعاةُ الضلالة، فإن كان لله يومئذٍ في الأرض خليفةٌ جَلَدَ ظَهْرَكَ، وأخَذَ مالَكَ فالزَمْهُ، وإلَّا فَمُتْ وأنت عاضٌّ على جِذْلِ شجرة))، قال: قلت: ثم ماذا؟ قال: ((يخرج الدجال بعد ذلك معه نهرٌ ونارٌ)).

 

13- خروج الدجَّالين الكذَّابين؛ لما أخرجه أحمد في مسنده (5694) بإسناد صحيح بطُرُقه وشواهده، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((ليكونَنَّ قبل المسيح الدَّجَّال كذَّابون ثلاثون، أو أكثر)).

 

14- السنون الخدَّاعة التي تنقلب فيها الموازين، وتنتكس فيها المعايير؛ لما أخرجه أحمد في مسنده (13298) بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ أمامَ الدجَّال سنين خدَّاعةً، يُكَذَّبُ فيها الصادقُ، ويُصَدَّقُ فيها الكاذبُ، ويُخوَّنُ فيها الأمينُ، ويُؤتَمَنُ فيها الخائنُ، ويتكلَّم فيها الرُّويبضة))، قيل: وما الرُّويبضة؟ قال: ((الفُوَيسِقُ يتكلَّم في أمْر العامَّة)).

 

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية، ط هجر (19 /119): (وهذا إسناد جيد قوي، تفرَّد به أحمد من هذا الوجه).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (13 /84): (أخرجه أحمد وأبو يعلى والبزار، وسنده جيد).

وحسَّنه الألباني في الصحيحة (5 /321).

 

15- أن يكون للمدينة النبوية حينئذٍ سبعةُ أبواب؛ لما أخرجه البخاري في صحيحه (7125)، عن أبي بكرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((لا يدخُل المدينةَ رُعْبُ المسيح الدجال، ولها يومئذٍ سبعةُ أبوابٍ، على كلِّ بابٍ مَلَكانِ)).

 

16- محبة أهل الإيمان لخروجه؛ لِما يجدون من شدة البلاء، وكثرة الشر عياذًا بالله؛ لما ثبت عن حذيفة رضي الله عنه، أنه قال: ((لا يخرُج الدجَّالُ حتى لا يكون غائبٌ أحبَّ إلى المؤمن خروجًا منه، وما خروجه بأضرَّ للمؤمن مِن حَصاةٍ يرفَعُها من الأرض، وما عِلْمُ أدناهم وأقصاهم إلا سواء))؛ أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (37507) بإسناد صحيح.

 

وعنه رضي الله عنه بإسناد صحيح، قال: ((لا يخرج الدجَّال حتى يكون خروجُه أشهى إلى المسلمين من شرب الماء على الظمأ))؛ أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (37519).

 

وكلا الأَثَرَينِ لهما حُكْمُ الرَّفْع للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهما مِن أمر الغيب، وليسا من قبيل الرأي.

واللهَ أسألُ بفضله ورحمته أن يعصِمنا من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وأن يُعيذنا من شرِّ فتنة المسيح الدجال

 

يوم خروج الدجال

((فانتظروا الدجال من يومه أو غده))

 

ربما يكون التمايُز بين صفوف الأمَّة مبشرًا، لكنه مخيف كذلك.

فإن هذا التمايز - الذي يزداد معه الحقُّ نقاء، والباطل تبيُّنًا وضراوة - لا يعني أنَّنا سنكون فيه في جانب الحق - حتمًا - ونسأل اللهَ السلامةَ من الباطل.

 

رحى التمييز تَدور؛ لتأخذ كل رأس إلى الصفِّ الذي يستحقُّه، قد نراها فوق رؤوسنا تدور، فيتبيَّن لنا ميل هذا الرَّأس إلى النِّفاق، فنُسَر أنْ بصَّرنا الله عز وجل، ولا يزال مَن انحاز إلى الحق لا يُجزَم بأنه في جانبه حتى النِّهاية... حتى يوم أو ليلة خروج الدجال، والله أعلم.

 

ولكن لنا هنا وقفة!

هذا الرأس الذي مال إلى النِّفاق وانحاز عن الإيمان في هذه الدَّورة للرحى، كان من قبل يَنظر نفس نظرتنا إلى غيره، يراهم مَضوا إلى الباطل واستأصلَتْهم الفتنةُ، وربما كان مسرور النَّفس أنه لا يزال في جانب الحق.

الفِتَن تشتدُّ، ولا تزال كذلك حتى نبلغ أعظمَ فِتنة منذ خلق الله آدمَ؛ عن أبي أمامة الباهليِّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يا أيها الناسُ، إنَّها لم تكن فتنةٌ على وجه الأرضِ، منذُ ذرأ اللهُ ذُرِّية آدمَ، أعظَمَ من فتنة الدَّجَّال))؛ الحديث (صحيح الجامع).

فالرأس الذي لم تصِبه الرحى في دورة، قد تصيبه في أخرى، إلَّا أن يُسلِّم اللهُ ويهدي عبادَه إلى فسطاط الإيمان الخالص؛ ((فسطاط إيمانٍ لا نِفاق فيه)).

 

فهذا التسارع الذي نراه في أحداث الأُمَّة، والفِتن التي تَنزل وتقلب القلوبَ والعباد في أحوالهم من جانب الحقِّ إلى جانب الباطل، ومن جانب الباطلِ إلى جانب الحقِّ - أكثر من أن يكون مبشرًا؛ فهو مخيف لأنفسنا، وهو نذير لنا، علينا أن نجتهد في أن نعلم الحقَّ، وننحاز إليه ما استطعنا؛ تفاديًا لآثار دوران رحى الفِتن فوق الرؤوس.

 

ونحمد اللهَ أن قد علَّمَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بصائر في الفتن، وكيف نتعوَّذ بالله عز وجل منها.

خلاصة القول أنَّنا نفرح بهداية الناس وتوبتهم عن الباطل ورجوعهم إلى الحقِّ، أو ببصيرة مِن الله لنا في عبدٍ من العباد أظهرتْ سوءًا خفي علينا منه، فذهبتْ به إلى جانب الباطل، فارتحنا من تَثبيطه أو تخذيلِه للمؤمنين، أو ما كان يوهن به بُنيانهم، فعلينا كذلك أن نشفِق على أنفسنا ونَحذر لها، فلا ندري إلى أي فسطاط يكون مصيرها.

 

عن عبدالله بن عمر قال: كنا عند رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قعودًا، فذكر الفتنَ، فأكثر ذِكرَها، حتى ذكر فتنةَ الأحلاس، فقال قائلٌ: يا رسولَ الله، وما فتنةُ الأحلاس؟ قال: ((هي فتنةُ هرَبٍ وحرْبٍ، ثم فتنةُ السَّرَّاء دخَلُها أو دخَنُها من تحت قدمَي رجلٍ مِن أهلِ بيتي، يزعمُ أنَّه مِنِّي، وليس مِنِّي؛ إنَّما وليِّيَ المتَّقون، ثمَّ يصطلِح الناسُ على رجلٍ كورِكٍ على ضِلَعٍ، ثم فتنةُ الدُّهَيماء، لا تدَعُ أحدًا مِن هذه الأمَّة إلا لطَمتْه لطمةً فإذا قيل: انقطعتْ، تمادتْ، يُصبِحُ الرجلُ فيها مؤمنًا ويُمسي كافرًا، حتى يصير الناسُ إلى فسطاطَينِ: فُسطاط إيمانٍ لا نِفاقَ فيه، وفسطاطُ نفاقٍ لا إيمانَ فيه، إذا كان ذاكم فانتظروا الدجَّال مِن اليومِ أو غدٍ))؛ (رواه الإمام أحمد في مسنده وأبو داود في سننه، واللفظ لأحمد)

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

================

 

صفات الدجال الروابط للألوكة

أَصْلُ الدَّجَلِ مَعْنَاهُ الخَلْطُ، يُقَالُ: دَجَّلَ إِذَا لَبَّسَ وَمَوَّهَ[1]، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: دَجَلَ البَعِيرَ إِذَا طَلَاهُ بِالقَطِرَانِ، وَغَطَّاهُ بِهِ[2].

وَسُمِّيَ الدَّجَّالُ دَجَّالًا؛ لِأَنَّهُ يُغَطِّي الحَقَّ بِالبَاطِلِ، أَوْ لِأَنَّهُ يُغَطِّي عَلَى النَّاسِ كُفْرَهُ بِكَذِبِهِ وَتَمْوِيهِهِ وَتَلْبِيسِهِ عَلَيْهِمْ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يُغَطِّي الأَمْرَ بِكَثْرَةِ جُمُوعِهِ[3].

وَسُمِّيَ مَسِيحًا لِأَنَّهُ مَمْسُوحُ العَيْنِ اليُمْنَى، كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ: "إِنَّ الدَّجَّالَ مَمْسُوحُ العَيْنِ"[4].

وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يَمْسَحُ الأَرْضَ فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَالأَوَّلُ أَرْجَحُ لِلحَدِيثِ المَذْكُورِ.

 

صِفَةُ الدَّجَّالِ وَالأَحَادِيثُ الوَارِدَةُ فِي ذَلِكَ:

الدَّجَّالُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ، لَهُ صِفَاتٌ كَثِيرَةٌ، بَيَّنَهَا لَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؛ لِتَعْرِيفِ النَّاسِ بِهِ، وَتَحْذِيرِهِمْ مِنْ شَرِّهِ، حَتَّى إِذَا خَرَجَ عَرَفَهُ المُؤْمِنُونَ، فَلَا يُفْتَنُونَ بِهِ.

 

وَإِلَيْكَ صِفَاته الواردة فِي السُّنَّة:

1- قُوَّتُهُ وَضَخَامَةُ بَدَنِهِ:

فَفِي حَدِيثِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ: "فَانْطَلْقَنَا سِرَاعًا حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ، فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا"[5].

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولَ: "بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي أَطُوفُ بِالكَعْبَةِ" الحَدِيثَ، فَذَكَرَ صِفَةَ عِيسَى عليه السلام، ثُمَّ قَالَ: "فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ... قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: الدَّجَّالُ"[6].

 

وَمَعَ ضَخَامَةِ بَدَنِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَصِيرٌ:

فَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنِّي قَدْ حَدَّثْتُكُمْ عَنِ الدَّجَّالِ حَتَّى خَشِيتُ أَلَّا تَعْقِلُوا، إِنَّ مَسِيحَ الدَّجَّالِ رَجُلٌ قَصِيرٌ، أَفْحَجُ، جَعْدٌ، أَعْوَرُ، مَطْمُوسُ العَيْنِ، لَيْسَ بِنَاتِئَةٍ، وَلَا جَحْرَاءَ، فَإِنْ أُلْبِسَ عَلَيْكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ"[7].

 

2- أَنَّهُ شَابٌّ:

فَفِي حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْـوَفُنِي عَلَيْكُمْ، إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُفِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ..." [8] الحَدِيثَ.

 

3- أَنَّهُ أَحْمَرُ:

فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَالَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ –: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ"[9].

 

4- مَمْسُوحُ العَيْنِ اليُمْنَى:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الدَّجَّالُ مَمْسُوحُ العَيْنِ"[10].

وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "... وَإِنَّ الدَّجَّالَ مَمْسُوحُ العَيْنِ عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ"[11].

 

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ الدَّجَّالَ بَيْنَ ظَهْرَانِيِ النَّاسِ، فَقَالَ: "إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَيْسَ بِأَعْوَرَ، أَلَا وَإِنَّ المَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ العَيْنِ اليُمْنَى،كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ"[12].

 

وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" عَنْ حُذْيَفَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الدَّجَّالُ أَعْوَرُ العَيْنِ اليُسْرَى"[13].

 

وَقَدْ جَمَعَ القَاضِي عِيَاضُ بَيْنَ هِذِهِ الرِّوَايَةِ وَالرِّوَايَاتِ القَائِلَةِ بِأَنَّ العَوَرَ فِي عَيْنِهِ اليُمْنَى، بِأَنَّ كِلْتَيْ عَيْنَيْهِ مَعِيبَةٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ جَمِيعَ الرِّوَايَاتِ صَحِيحَةٌ، فَتَكُونُ العَيْنُ اليُمْنَى هِيَ المَمْسُوحَةَ الَّتِي ذَهَبَ ضَوْؤُهَا، كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَتَكُونُ العَيْنُ اليُسْرَى هِيَ الَّتِي عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ[14].

وَرَجَّحَ هَذَا الجَمْعَ أَبُو عَبْدِ اللهِ القُرْطُبِيُّ[15]، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي هَذَا الجَمْعِ: "هُوَ فِي نِهَايَةٍ مِنَ الحُسْنِ"[16].

 

قُلْتُ: نَعَمْ، هُوَ نِهَايَةٌ فِي الحُسْنِ، إِلَّا أَنَّهُ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ أَنَّ فِي إِحْدَى رِوَايَاتِ حَدِيثِ حُذْيَفَةَ: "الدَّجَّالُ مَمْسُوحُ العَيْنِ عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ"[17]، فَوَصَفَ العَيْنَ المَمْسُوحَةَ بِكَوْنِهَا عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ، فَانْتُقِضَ جَمْعُ القَاضِي عِيَاضٍ أَنَّ إِحْدَاهُمَا – وَهِيَ اليُمْنَى – مَمْسُوحَةٌ، وَالأُخْرَى عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

 

وَلِذَلِكَ فَقَدْ رَجَّحَ ابْنُ حَجَرٍ رضي الله عنه الرِّوَايَاتِ القَائِلَةَ بِأَنَّ العَوَرَ فِي العَيْنِ اليُمْنَى، وَهِيَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَلَى رِوَايَةِ العَيْنِ اليُسْرَى، الَّتِي فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ"؛ لِأَنَّ المُتَّفَقَ عَلَيْهِ أَقْوَى مِنْ غَيْرِهِ[18].

 

5- مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: كَافِرٌ:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الأَعْوَرَ الكَذَّابَ، أَلَا إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَمَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: ك ف ر"[19].

وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه: "مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: كَافِرٌ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ"[20].

 

6- جَعْدُ الشَّعْرِ، كَثِيرُهُ:

فِي حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ: "إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ"[21].

وَالقَطَطُ هُوَ شَدِيدُ جُعُودَةِ الشَّعَرِ[22].

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "ثُمَّ ذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ، فَإِذَا رَجُلٌ جَسِيمٌ، أَحْمَرُ، جَعْدُ الرَّأْسِ، أَعْوَرُ العَيْنِ، كَأَنَّ عَيْنَيْهِ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، قَالُوا: هَذَا الدَّجَّالُ..."[23].

وَعَنْ حُذْيَفَةَ بْنِ اليَمَانِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الدَّجَّالُ أَعْوَرُ العَيْنِ اليُمْنَى، جُفَالُ الشَّعَرِ"[24].

وَمَعْنَى: "جُفَالُ الشَّعَرِ" أَيْ: كَثِيرُهُ[25].

 

7- أَفْحَجُ:

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ مَسِيحَ الدَّجَّالِ رَجُلٌ قَصِيرٌ أَفْحَجُ"[26].

وَالأَفْحَجُ: هُوَ الَّذِي إِذَا مَشَى بَاعَدَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ كَالمُخْتَتِنِ، فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ عُيُوبِهِ[27].

 

8- فِيهِ انْحِنَاءٌ:

عَنْ أَبِي هُرْيَرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "... وَأَمَّا مَسِيحُ الضَّلَالَةِ، فَإِنَّهُ أَعْوَرُ العَيْنِ، أَجْلَى الجَبْهَةِ، عَرِيضُ النَّحْرِ، فِيهِ دَفَأٌ"[28].

وَمَعْنَى: "فِيهِ دَفَأٌ" أَيْ: فِيهِ انْحِنَاءٌ، يُقَالُ: رَجُلٌ أَدْفَى أَيْ: فِيهِ انْحِنَاءٌ[29].

 

9- أَجْلَى الجَبْهَةِ:

كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ المُتَقَدِّم.

وَمَعْنَى: "أَجْلَى الجَبْهَةِ" أَيْ: خَفِيفَ شَعَرِ اللِّحْيَةِ مِنَ الصُّدْغَيْنِ، وَهُوَ الَّذِي انْحَسَرَ الشَّعَرُ عَنْ جَبْهَتِهِ[30].

 

10- عَرِيضُ النَّحْرِ:

كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرْيَرَةَ المُتَقَدِّمِ.

هَلِ المَسِيحُ الدَّجَّالُ مَوْجُودٌ الآنَ؟

الجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ مَوْجُودٌ الآنَ فِي جَزِيرَةٍ فِي البَحْرِ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الجَسَّاسَةِ فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍرضي الله عنه قَالَتْ: فَذَكَرَتْ قَصَّةَ تَأَيُّمِهَا مِنْ زَوْجِهَا، قَالَتْ: فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتِي سَمِعْتُ نِدَاءَ المُنَادِي، مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الصَّلَاةَ جَامِعَة"، فَخَرَجْتُ إِلَى المَسْجِدِ، فَصَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَكُنْتُ فِي صَفِّ النِّسِاءِ الَّتِي تَلِي ظُهُورَ القَوْمِ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ، جَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقَالَ: "لِيَلْزَمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُصَلَّاهُ"، ثُمَّ قَالَ: "أَتَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ؟" قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "إِنِّي وَاللهِ مَا جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ، وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ، لِأَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ كَانَ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا، فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ، وَحَدَّثَنِي حَدِيثًا وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ مَسِيحِ الدَّجَّالِ، حَدَّثَنِي أَنَّهُ رَكِبَ فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ، مَعَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامَ، فَلَعِبَ بِهِمُ المَوْجُ شَهْرًا فِي البَحْرِ، ثُمَّ أَرْفَئُوا إِلَى جَزِيرَةٍ فِي البَحْرِ حَتَّى مَغْرِبَ الشَّمْسِ، فَجَلَسُوا فِي أَقْرُبِ السَّفِينَةِ فَدَخَلُوا الجَزِيرَةَ، فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ، لَا يَدْرُونَ مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ، مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقَالُوا: وَيْلَكِ مَا أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: أَنَا الجَسَّاسَةُ، قَالُوا: وَمَا الجَسَّاسَةُ؟ قَالَتْ: أَيُّهَا القَوْمُ، انْطَلِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ، فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالأَشْوَاقِ، قَالَ: لَمَّا سَمَّتْ لَنَا رَجُلًا فَرِقْنَا مِنْهَا أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا، حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ، فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا، وَأَشَدُّهُ وِثَاقًا، مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ مَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى كَعْبَيْهِ بِالحَدِيدِ، قُلْنَا: وَيْلَكَ مَا أَنْتَ؟ قَالَ: قَدْ قَدَرْتُمْ عَلَى خَبَرِي، فَأَخْبِرُونِي مَا أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ العَرَبِ رَكِبْنَا فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ، فَصَادَفْنَا البَحْرَ حِينَ اغْتَلَمَ،فَلَعِبَ بِنَا المَوْجُ شَهْرًا، ثُمَّ أَرْفَأْنَا إِلَى جَزِيرَتِكَ هَذِهِ، فَجَلَسْنَا فِي أَقْرُبِهَا، فَدَخَلْنَا الجَزِيرَةَ، فَلَقِيَتْنَا دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ، لَا يُدْرَى مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقُلْنَا: وَيْلَكِ مَا أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: أَنَا الجَسَّاسَةُ، قُلْنَا: وَمَا الجَسَّاسَةُ؟ قَالَتْ: اعْمِدُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ، فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالأَشْوَاقِ، فَأَقْبَلْنَا إِلَيْكَ سِرَاعًا، وَفَزِعْنَا مِنْهَا، وَلَمْ نَأْمَنْ أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً، فَقَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ، قُلْنَا: عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: أَسْأَلُكُمْ عَنْ نَخْلِهَا، هَلْ يُثْمِرُ؟ قُلْنَا لَهُ: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ لَا تُثْمِرَ، قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ، قُلْنَا: عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: هَلْ فِيهَا مَاءٌ؟ قَالُوا: هِيَ كَثِيرَةُ المَاءِ، قَالَ: أَمَا إِنَّ مَاءَهَا يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ، قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ عَيْنِ زُغَرَ، قَالُوا: عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: هَلْ فِي العَيْنِ مَاءٌ؟ وَهَلْ يَزْرَعُ أَهْلُهَا بِمَاءِ العَيْنِ؟ قُلْنَا لَهُ: نَعَمْ، هِيَ كَثِيرَةُ المَاءِ، وَأَهْلُهَا يَزْرَعُونَ مِنْ مَائِهَا، قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ نَبِيِّ الأُمِّيِّينَ مَا فَعَلَ؟ قَالُوا: قَدْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَنَزَلَ يَثْرِبَ، قَالَ: أَقَاتَلَهُ العَرَبُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: كَيْفَ صَنَعَ بِهِمْ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ عَلَى مَنْ يَلِيهِ مِنَ العَرَبِ وَأَطَاعُوهُ، قَالَ لَهُمْ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا إِنَّ ذَاكَ خَيْرٌ لَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، وَإِنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِّي، إِنِّي أَنَا المَسِيحُ، وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الخُرُوجِ، فَأَخْرُجَ فَأَسِيرَ فِي الأَرْضِ فَلَا أَدَعَ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ، فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا، كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً - أَوْ وَاحِدًا - مِنْهُمَا اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا، يَصُدُّنِيعَنْهَا، وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ فِي المِنْبَرِ: "هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ" - يَعْنِي المَدِينَةَ - "أَلَا هَلْ كُنْتُ حَدَّثْتُكُمْ ذَلِكَ؟" فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ، "فَإِنَّهُ أَعْجَبَنِي حَدِيثُ تَمِيمٍ، أَنَّهُ وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ، وَعَنِ المَدِينَةِ وَمَكَّةَ، أَلَا إِنَّهُ فِي بَحْرِ الشَّأْمِ، أَوْ بَحْرِ اليَمَنِ، لَا، بَلْ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ مَا هُوَ، مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ مَا هُوَ، مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ مَا هُوَ" وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى المَشْرِقِ، قَالَتْ: فَحَفِظْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم [31].

 

وَقَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: بَلْ هُوَ ابْنُ صَيَّادٍ الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا بَعْدَ ذَلِكَ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ، وَأَحَادِيُثُهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ"، مِنْهَا:

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي رَهْطٍ قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ حَتَّى وَجَدَهُ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ، وَقَدْ قَارَبَ ابْنُ صَيَّادٍ يَوْمَئِذٍ الحُلُمَ، فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ظَهْرَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِابْنِ صَيَّادٍ: "أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ؟" فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ، فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ؟ فَرَفَضَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: "آمَنْتُ بِاللهِ وَبِرُسُلِهِ" ثُمَّ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَاذَا تَرَى؟" قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ" ثُمَّ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا" فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: هُوَ الدُّخُّ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ" فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: ذَرْنِي، يَا رَسُولَ اللهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلَا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ"[32].

وَالصَّوَابُ - وَاللهُ أَعْلَمُ - هُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الجُمْهُورُ مِنْ أَنَّهُ هُوَ المَذْكُورُ فِي حَدِيثِ الجَسَّاسَةِ؛ لِأَنَّ أَحَادِيثَ ابْنِ صَيَّادٍ مُحْتَمِلَةٌ، وَحَدِيثُ الجَسَّاسَةِ نَصٌّ فِي المَسْأَلَةِ.

 

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رضي الله عنه:

"وَالمَقْصُودُ أَنَّ ابْنَ صَيَّادٍ لَيْسَ بِالدَّجَّالِ الَّذِي يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَطْعًا، وَذَلِكَ لِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ الضَّمْرِيَّةِ، فَإِنَّهُ فَيْصَلٌ فِي هَذَا المَقَامِ"اهـ[33].

 

مَكَانُ خُرُوجِ الدَّجَّالِ:

يَخْرُجُ الدَّجَّالُ مِنْ جِهَةِ المَشْرِقِ، مِنْ خُرَاسَانَ[34]، مِنْ يَهُودِيَّةِ أَصْبَهَانَ[35]، ثُمَّ يَسِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ.

فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ المُتَقَدِّمِ: "أَلَا إِنَّهُ فِي بَحْرِ الشَّامِ، أَوْ بَحْرِ اليَمَنِ، لَا، بَلْ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ مَا هُوَ، مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ مَا هُوَ، مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ مَا هُوَ"، وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى المَشْرِقِ [36].

 

وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الدَّجَّالُ يَخْرُجُ مِنْ أَرْضٍ بِالمَشْرِقِ، يُقَالُ لَهَا: خُرَاسَانُ، يَتْبَعُهُ أَقْوَامٌ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ"[37].

 

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَخْرُجُ الدَّجَّالُ مِنْ يَهُودِيَّةِ أَصْبَهَانَ، مَعَهُ سَبْعُونَ الفًا مِنَ اليَهُودِ عَلَيْهِمُ التِّيجَانُ"[38].

 

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رضي الله عنه:

"فَيَكُونُ بَدْءُ ظُهُورِهِ مِنْ أَصْبَهَانَ، مِنْ حَارَةٍ يُقَالُ لَهَا: اليَهُودِيَّةُ"[39].

 

الأَمَاكِنُ المُحَرَّمُ دُخُولُهَا عَلَى الدَّجَّالِ:

حُرِّمَ عَلَى الدَّجَّالِ دُخُولُ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ، وَالمَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ المَدِينَةِ، وَمَسْجِدِ الطُّورِ، وَالمَسْجِدِ الأَقْصَى.

فَفِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: "وَإِنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِّي، إِنِّي أَنَا المَسِيحُ، وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الخُرُوجِ، فَأَخْرُجَ فَأَسِيرَ فِي الأَرْضِ فَلَا أَدَعَ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ، فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا، كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً - أَوْ وَاحِدًا - مِنْهُمَا اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا، يَصُدُّنِي عَنْهَا، وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا"، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم -وَطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ فِي المِنْبَرِ-: "هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ" يَعْنِي المَدِينَةَ[40].

 

وَعَنْ جُنَادَةَ بْنِ أُمَيَّةَ الأَزْدِيِّ قَالَ: ذَهَبْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا: حَدِّثْنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ فِي الدَّجَّالِ، فَذَكَرَ الحَدِيثَ، وَفِيهِ: "وَإِنَّهُ يَمْكُثُ فِي الأَرْضِ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، يَبْلُغُ فِيهَا كُلَّ مَنْهَلٍ، وَلَا يَقْرَبُ أَرْبَعَةَ مَسَاجِدَ: مَسْجِدَ الحَرَامِ، وَمَسْجِدَ المَدِينَةِ، وَمَسْجِدَ الطُّورِ، وَمَسْجِدَ الأَقْصَى"[41].

 

مُدَّةُ مُكْثِ الدَّجَّالِ فِي الأَرْضِ:

يَمْكُثُ الدَّجَّالُ فِي الأَرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، كَمَا فِي الحَدِيثَيْنِ المُتَقَدِّمَيْنِ.

فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: "فَأَخْرُجُ، فَلَا أَدَعُ قَرْيَةً إِلَّا دَخَلْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ".

وَفِي حَدِيثِ جُنَادَةَ بْنِ أُمَيَّةَ الأَزْدِيِّ: "وَإِنَّهُ يَمْكُثُ فِي الأَرْضِ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا".

وَعَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ رضي الله عنه، أَنَّ الصَّحَابَةَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا لُبْثُهُ فِي الأَرْضِ؟ قال: "أَرْبَعُونَ يَوْمًا، يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ"[42].

 

أَتْبَاعُ الدَّجَّالِ:

أَكْثَرُ أَتْبَاعِ الدَّجَّالِ مِنَ اليَهُودِ، وَالعَجَمِ، وَالتُّرْكِ، وَأَخْلَاطٍ مِنَ النَّاسِ، بِمَا فِيهِمُ الأَعْرَابُ وَالنِّسَاءُ؛ فَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ سَبْعُونَ أَلْفًا عَلَيْهِمُ الطَّيَالِسَةُ"[43].

وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ الَّذِي تَقَدَّمَ: "يَتْبَعُهُ قَوْمٌ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ"[44].

 

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رضي الله عنه:

"وَالظَّاهِرُ - وَاللهُ أَعْلَمُ - أَنَّ المُرَادَ هَؤُلَاءِ التُّرْكُ أَنْصَارُ الدَّجَّالِ"[45].

وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الطَّوِيلِ: "وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَقُولَ لِلأَعْرَابِيِّ: أَرَأَيْتَ إِنْ بَعَثْتُ لَكَ أَبَاكَ وَأُمَّكَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَتَمَثَّلُ لَهُ شَيْطَانَانِ فِي صُورَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَيَقُولَانِ: يَا بُنَيَّ، اتَّبِعْهُ فَإِنَّهُ رَبُّكَ"[46].

وَذَلِكَ لِأَنَّ الجَهْلَ غَالِبٌ عَلَى الأَعْرَابِ، وَكَذَلِكَ النِّسَاءُ حَالُهُنَّ أَشَدُّ مِنْ حَالِ الأَعْرَابِ، لِشِدَّةِ تَأَثُّرِهِنَّ وَغَلَبَةِ الجَهْلِ عَلَيْهِنَّ.

 

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَنْزِلُ الدَّجَّالُ فِي هَذِهِ السَّبَخَةِ بِمَرِّقَنَاةَ، فَيَكُونُ أَكْثَرَ مَنْ يَخْرُجُ إِلَيْهِ النِّسَاءُ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَرْجِعُ إِلَى حَمِيمِهِ وَإِلَى أُمِّهِ وَابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ وَعَمَّتِهِ، فَيُوثِقُهَا رِبَاطًا، مَخَافَةَ أَنْ تَخْرُجَ إِلَيْهِ"[47].

 

 هَلَاكُ الدَّجَّالِ

فِي حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ: "فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللهُ المَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ المَنَارَةِ البَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ[48]، وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ، فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ، فَيَقْتُلَهُ، ثُمَّ يَأْتِي عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَوْمٌ قَدْ عَصَمَهُمُ اللهُ مِنْهُ، فَيَمْسَحُ عَنْ وُجُوهِهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِي الجَنَّةِ"[49].

 

وَعَنْ أَبِي هُرْيَرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِقَ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنَ المَدِينَةِ، مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ، فَإِذَا تَصَافُّوا، قَالَتِ الرُّومُ: خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ، فَيَقُولُ المُسْلِمُونَ: لَا، وَاللهِ لَا نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا، فَيُقَاتِلُونَهُمْ، فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ، أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللهِ، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ، لَا يُفْتَنُونَ أَبَدًا فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الغَنَائِمَ، قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ، إِذْ صَاحَ فِيهِمُ الشَّيْطَانُ: إِنَّ المَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ، فَيَخْرُجُونَ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ، فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ، يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ، إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَّهُمْ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللهِ، ذَابَ كَمَا يَذُوبُ المِلْحُ فِي المَاءِ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللهُ بِيَدِهِ، فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ"[50].

الروابط للألوكة



[1] انظر "النهاية في غريب الحديث" 2/ 102.
[2] انظر "لسان العرب" 11/ 236.
[3] "لسان العرب" 11/ 236، 237.
[4] سيأتي تخريجه.
[5] أخرجه مسلم 2942.
[6] أخرجه البخاري 7128.
[7] أخرجه أبو داود 4320، وصححه الألباني في "المشكاة" 5485.
[8] أخرجه مسلم 2937.
[9] انظر التخريج السابق.
[10] أخرجه مسلم 2933.
[11] متفق عليه: أخرجه البخاري 3450، ومسلم 2934.
الظفرة: لحمة تنبت عند المآقي، وقد تمتد إلى السواد فتغشاه. "النهاية" 3/ 158.
[12] متفق عليه: أخرجه البخاري 7123، ومسلم 169.
[13] أخرجه مسلم 2934.
[14] انظر "شرح مسلم" للنووي 2/ 235.
[15] "التذكرة" 663.
[16] المرجع قبل السابق.
[17] متفق عليه: أخرجه البخاري 3450، ومسلم 2934.
[18] انظر "فتح الباري" 13/ 97.
[19] متفق عليه: أخرجه البخاري 7131، ومسلم 2933.
[20] متفق عليه: أخرجه البخاري 3450، ومسلم 2934.
[21] أخرجه مسلم 2937.
[22] انظر "شرح مسلم" 18/ 65، "النهاية" 4/ 81.
[23] متفق عليه: أخرجه البخاري 7128، ومسلم 169.
[24] متفق عليه: أخرجه البخاري 3450، ومسلم 2934.
[25] انظر "النهاية في غريب الأثر" 1/ 80.
[26] أخرجه أبو داود 4320، وصححه الألباني في "المشكاة" 5485.
[27] "عون المعبود" 7/ 390.
[28] أخرجه أحمد 15/28، وَقَالَ أحمد شاكر: إسناده صحيح.
[29] انظر "النهاية في غريب الحديث" 2/ 126، "لسان العرب" 1/ 77.
[30] انظر "النهاية" 1/ 290.
[31] أخرجه مسلم 2942.
[32] متفق عليه: أخرجه البخاري 1289، ومسلم 2930، 2931.
[33] "النهاية في الفتن والملاحم" 1/ 108.
[34] خراسان: بلاد واسعة في جهة المشرق، تشتمل على عدة بلدان، منها: نيسابور، وهراة، ومرو، وبلخ، وما يتخلل ذلك من المدن دون نهر جيحون. انظر "معجم البلدان" 2/ 350.
[35] أصبهان: قال ياقوت: "مدينة أصبهان بالموقع المعروف بـجي، وهو الآن يعرف بـشهرستان، وبـالمدينة فلما سار بختنصر وأخذ بيت المقدس، وسبى أهلها، حمل معه يهودها، وأنزلها أصبهان، فبنوا لهم في طرف مدينة جي محلة، ونزلوها، وسميت اليهودية، فمدينة أصبهان اليوم هي اليهودية" أهـ "معجم البلدان" 1/ 208.
[36] تقدم تخريجه.
[37] أخرجه الترمذي 2237 وقال: حديث حسن غريب، وابن ماجه 4072، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" 3398.
[38] إسناده حسن: أخرجه أحمد 12277، وأصل الحديث عند مسلم برقم 2944.
[39] "النهاية في الفتن والملاحم" 1/ 128.
[40] تقدم تخريجه.
[41] أخرجه أحمد 24/ 76 "الفتح الرباني"، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/ 343: "رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح"، وَقَالَ ابن حجر في "فتح الباري" 13/ 105: "رجاله ثقات".
[42] أخرجه مسلم 2937.
[43] أخرجه مسلم 2944.
[44] وقد تقدم.
[45] "النهاية في الفتن والملاحم" 1/ 117.
[46] أخرجه ابن ماجه 4077 وَقَالَ الألباني : في "ظلال الجنة" ص 160: "إسناده ضعيف، رجاله كلهم ثقات، غير عمرو بن عبد الله الحضرمي، لم يوثقه غير ابن حبان، والحديث أخرجه ابن ماجه 4077، والآجري في "الشريعة" ص 375 – 376 من طريق أخرى عن السيباني. ولي رسالة في تخريج هذا الحديث، وتحقيق الكلام على فقراته التي وجدت لأكثرها شواهد تقويها". اهـ.
[47] إسناده صحيح أخرجه أحمد 5353 وَقَالَ أحمد شاكر: إسناده صحيح.
مرقناة: واد يأتي من الطائف.
[48] أي: لابس مهرودتين، أي: ثوبين مصبوغين بورس ثم زعفران. "شرح مسلم" 9/ 250.
[49] تقدم.
[50] أخرجه مسلم 2897.

========عرض آخر=====

أعظمُ فتنةٍ في الأرضِ (فتنة الدَّجال)

وأربعةَ عشرَ سبباً للنجاةِ منه

إن الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شُرورِ أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا، مَن يهده اللهُ فلا مُضلَّ له، ومن يُضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

أما بعد: فإن الله تعالى أرسلَ محمداً صلى الله عليه وسلم بالحقِّ بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، فلم يترك خيراً إلا دلَّ أُمَّتَهُ عليه، ولا شرًّا إلا حذَّرَها منه، ولَمَّا كانت أُمَّتُنا هي آخرُ الأُمَمِ، ونبيُّنا صلى الله عليه وسلم هو آخرُ الأنبياءِ، خَصَّ اللهُ تعالى هذه الأُمَّةَ بظهورِ أشراطِ الساعةِ فيها، وبيَّنها اللهُ في كتابهِ وعلى لسانِ رسولِه صلى الله عليه وسلم، وأنها ستخرجُ في آخر هذهِ الأُمةِ مُؤذنةً بخرابِ العالم، وقيامِ يومِ القيامة، ﴿ لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ﴾ [طه: 15]، قال جابرُ بنُ عبدِ اللهِ: (كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْناهُ وعَلا صَوْتُهُ واشْتَدَّ غَضَبُهُ، حتى كَأنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يقولُ: «صَبَّحَكُمْ ومَسَّاكُمْ»، ويقولُ: «بُعِثْتُ أَنا والساعةُ كَهَاتَيْنِ»، ويَقْرُنُ بينَ إِصْبَعَيهِ السبَّابةِ والْوُسْطَى) رواه مسلم، فالساعة قد قَرُبت، قال تعالى: ﴿ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا ﴾ [المعارج: 6، 7]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا ﴾ [الأحزاب: 63]، وقد ظهرَ كثيرٌ من أشراطِ الساعةِ الصُّغرى، وإذا ظَهرَتِ الكُبرى تتابعت ما بعدَها، قال صلى الله عليه وسلم: (الآيَاتُ خَرَزَاتٌ مَنْظُومَاتٌ في سِلْكٍ، فإنْ يُقْطَعِ السِّلْكُ يَتْبَعْ بَعْضُهَا بَعْضاً) رواه الإمام أحمد وصحَّحه أحمد شاكر.

 

ألا وإن من أشراطِ الساعةِ التي جَعَلَها اللهُ مُؤْذِنةً بانقضاءِ الدُّنيا وزوالِها، ودُنوِّ القيامةِ ومجيئها: خُروجُ المسيحِ الدَّجالِ الذي جَعَلَهُ اللهُ أعظمَ فتنةٍ للناسِ على وجهِ الأرضِ، فعنْ أبي أُمامةَ الباهِلِيِّ قالَ: (خَطَبَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فكانَ أَكْثَرُ خُطْبَتِهِ حَدِيثاً حَدَّثَناهُ عن الدَّجَّالِ، وحَذَّرَناهُ، فكانَ من قولِهِ أنْ قالَ: إنهُ لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ في الأرضِ مُنْذُ ذَرَأَ اللهُ ذُرِّيَّةَ آدَمَ أَعْظَمَ من فِتنةِ الدَّجَّالِ، وإنَّ اللهَ لَم يَبْعَثْ نبيَّاً إلا حَذَّرَ أُمَّتَهُ الدَّجَّالَ، وأنا آخِرُ الأنبياءِ، وأنتُمْ آخِرُ الأُمَمِ، وهُوَ خارِجٌ فيكُمْ لا مَحَالَةَ) الحديث رواه ابن ماجه، وصحَّحه الألباني.

 

ولعظيمِ شأنِ فتنةِ الدَّجال فقد أكثرَ نبيُّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ من ذكرِه والتحذيرِ منه، حتى قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (إنِّي قدْ حَدَّثتُكُم عنِ الدَّجَّالِ حتى خَشِيتُ أنْ لا تَعْقِلُوا) رواه أبو داود وصحَّحه ابنُ عبد البرِّ، وعنِ النَّوَّاسِ بنِ سَمْعَانَ قالَ: (ذَكَرَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الدَّجَّالَ ذاتَ غَدَاةٍ، فَخَفَّضَ فيهِ ورَفَّعَ، حتى ظَنَنَّاهُ في طائِفَةِ النَّخْلِ) رواه مسلم.

 

قال الشيخ حمود التويجري رحمه الله: (جاء فيه - أي الدَّجَّال - أكثر من مائة وتسعين حديثاً من الصحاح والحسان) انتهى.

ولعظيم فتنته قال صلى الله عليه وسلم: (وَإِنَّهُ قَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي القُبُورِ، مِثْلَ - أَوْ قَرِيبَ مِنْ - فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ) رواه البخاري ومسلم، ومن عظيم فتنته أن معه جنة ونار، قال صلى الله عليه وسلم: (مَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ، فَنَارُهُ جَنَّةٌ وَجَنَّتُهُ نَارٌ) رواه مسلم.

 

ومن عظيم فتنته: أن الله يُسخِّر له السماء والأرض فتنة وامتحاناً: قال صلى الله عليه وسلم: (فَيَأْتِي عَلَى الْقَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ، فَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ، فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ، وَالْأَرْضَ فَتُنْبِتُ، فَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ، أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُرًا، وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا، وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ، ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمَ، فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ، فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَيَمُرُّ بِالْخَرِبَةِ، فَيَقُولُ لَهَا: أَخْرِجِي كُنُوزَكِ، فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ) رواه مسلم، ومن عظيم فتنته: سُرعته في الأرض: قال الصحابة: (يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ) رواه مسلم.

 

أيها المسلمون: لَمَّا كان نبيُّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أشفَقَ الناسِ على الأُمَّةِ وأنصَحَهُم، فقد أرشدنا إلى ما تحصلُ به نجاتنا من شرِّ فتنةِ الدَّجال، وحريٌّ بكلِّ مُؤمنٍ يُريدُ السلامةَ لدينه أن يأخذ بهذه الأسباب النبوية التي يُنجيه اللهُ بها من شرِّ فتنةِ الدَّجال، فمنها:

أولاً: الاستعاذةُ باللهِ من شرِّ فتنته: قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (تَعَوَّذُوا باللهِ مِنْ فِتْنةِ الدَّجَّالِ) رواه مسلم، وكان صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُعلِّمُ الصحابةَ الاستعاذةَ باللهِ من شرِّ فتنةِ الدَّجالِ (كما يُعلِّمُهم السورةَ من القرآنِ) رواه مسلم، وأَمرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالاستعاذةِ بالله من شرِّ فتنةِ الدَّجَّالِ في التشهدِ الأخيرِ من الصلاةِ، فقالَ: (إذا فَرَغَ أَحَدُكُم منَ التشهُّدِ الآخِرِ فلْيَتَعَوَّذ باللهِ مِن أَرْبَعٍ: من عذابِ جَهنَّمَ، ومن عذابِ القبرِ، ومِن فتنةِ الْمَحْيا والْمَماتِ، ومِنْ شَرِّ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ) رواه مسلم، واقتدى بذلك السلف، قال الإمام مسلم: (بَلَغَنِي أنَّ طَاوُوساً قالَ لابْنِهِ: أَدَعَوْتَ بها في صَلاتِكَ؟ فقالَ: لا، قالَ: أَعِدْ صَلاتَكَ) انتهى.

 

ثانياً: الاستغاثةُ بالله تعالى: أمرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ من ابتُليَ بفتنةِ الدَّجَّالِ أن يلجأ إلى الله ويَستغيث به، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (وإنَّ مِن فِتْنَتِهِ أنَّ مَعَهُ جنَّةً وناراً، فَنَارُهُ جَنَّةٌ، وجَنَّتُهُ نارٌ، فَمَنِ ابْتُلِيَ بنارِهِ فلْيَستَغِثْ باللهِ) رواه ابن ماجه وصحَّحه الألباني.

 

ثالثاً: الثباتُ على الدِّين، قال تعالى: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [إبراهيم: 27]، وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُني عليكُمْ، إنْ يَخْرُجْ وأَنا فيكُمْ فَأَنا حَجِيجُهُ دُونَكُم، وإنْ يَخْرُجْ ولَسْتُ فيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ واللهُ خَلِيفَتي على كُلِّ مُسْلِمٍ) رواه مسلم، قال القرطبي: (هذا منه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ تفويضٌ إلى الله تعالى في كِفايةِ كُلِّ مُسلمٍ من تلكَ الفتنِ العظيمةِ، وتوَكُّلٌ عليه في ذلك) انتهى، وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (إنَّهُ مَكتُوبٌ بينَ عينَيْهِ كافرٌ، يَقْرَؤُهُ مَن كَرِهَ عَمَلَهُ، أوْ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ) رواه مسلم، قال الإمامُ ابنُ تيمية: (فدَلَّ على أنَّ المؤمنَ يَتبيَّنُ لهُ ما لا يَتبينُ لغيرِهِ.. وكُلَّمَا قَوِيَ الإيمانُ في القَلْبِ قَوِيَ انكِشافُ الأُمُورِ لهُ) انتهى.

 

رابعاً: الْمُبادرةُ إلى الأعمالِ الصالحة قبلَ وُقوع السِّتِّ الآيات: قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (بادِرُوا بالأعمالِ سِتَّاً: الدَّجَّالَ، والدُّخَانَ، ودَابَّةَ الأرضِ، وطُلُوعَ الشمسِ مِن مَغْرِبِهَا، وأَمْرَ العَامَّةِ، وخُوَيْصَّةَ أَحَدِكُمْ) أي الموت، رواه مسلم، وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (إنها ليسَتْ مِن فتنةٍ صَغيرةٍ ولا كبيرةٍ إلاَّ تَتَّضِعُ لفِتْنَةِ الدَّجَّالِ، فمَنْ نَجَا من فتنةِ ما قَبْلَها نَجَا منها، وإنهُ لا يَضُرُّ مُسْلِماً) رواه ابن حبان وحسنه الألباني.

 

خامساً: معرفةُ الله تعالى بأسمائه وصفاته: قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (ما بُعِثَ نَبيٌّ إلاَّ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الأَعْوَرَ الكَذَّابَ، ألاَ إنَّهُ أَعْوَرُ، وإنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بأَعْوَرَ) رواه البخاري ومسلم.

 

والله تعالى لا يُرى في الدُّنيا: قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (فإنْ أُلْبِسَ عليكُمْ فاعْلَمُوا أنَّ ربَّكُمْ تَباركَ وتعالى لَيْسَ بأَعْوَرَ، وإنَّكُمْ لَنْ تَرَوْا ربَّكُمْ حتى تموتوا) رواه ابن أبي عاصم وجوَّد إسناده الألباني.

 

سادساً: الإيمانُ بأن نبيَّنا محمداً صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ هو آخرُ الأنبياء: قال تعالى: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ﴾ [الأحزاب: 40]، فالدَّجالُ أولَ ما يخرجُ يدَّعي النبوَّة، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (إنهُ يَبْدَأُ فيَقُولُ: أنا نَبيٌّ، ولا نَبيَّ بَعْدِي) رواه ابن ماجه.

•   •   •

 

أمَّا بعدُ: فإنَّ خَيْرَ الحديثِ كِتابُ اللهِ، وخيرُ الْهُدَى هُدَى مُحمَّدٍ، وشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثاتُها، وكُلُّ بدعَةٍ ضَلالَةٌ.

 

سابعاً: أهميةُ العلم الشرعي في مواجهةِ فتنةِ الدَّجالِ: قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (يَأْتي الدَّجَّالُ وهُوَ مُحَرَّمٌ عليهِ أنْ يَدْخُلَ نِقَابَ المدينَةِ، فيَنْزِلُ بعضَ السِّبَاخِ التي تَلِي المدينَةَ، فيَخْرُجُ إليهِ يومَئِذٍ رَجُلٌ وهُوَ خَيْرُ الناسِ أوْ مِنْ خِيارِ النَّاسِ، فيَقُولُ: أَشْهَدُ أنكَ الدَّجَّالُ الذي حَدَّثنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حَدِيثَهُ، فيقُولُ الدَّجَّالُ: أرَأَيْتُم إنْ قَتَلْتُ هَذا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ هلْ تَشُكُّونَ في الأَمْرِ؟ فيقُولُونَ: لا، فَيَقْتُلُهُ ثمَّ يُحْييهِ، فيَقُولُ: واللهِ ما كُنْتُ فيكَ أَشَدَّ بَصيرَةً منِّي اليَوْمَ، فيُرِيدُ الدَّجَّالُ أنْ يَقْتُلَهُ فلا يُسَلَّطُ عليهِ) رواه البخاري ومسلم، وفي روايةٍ لمسلم: (فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «هَذا أَعْظَمُ الناسِ شَهَادَةً عِنْدَ رَبِّ العالمينَ).

 

ثامناً: الفِرارُ من فتنتهِ عندَ السماعِ بخروجهِ: قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (مَنْ سَمِعَ بالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عنهُ، فواللهِ إنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وهُوَ يَحْسِبُ أنهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبعُهُ مِمَّا يَبْعَثُ بهِ منَ الشُّبُهَاتِ) رواه أبو داود وصحَّحه الألباني، وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (لَيَفِرَّنَّ الناسُ منَ الدَّجَّالِ في الجِبَالِ) رواه مسلم، وقال التابعيُّ حسَّانُ بن عطية رحمه الله: (لا يَنْجُو مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ أَلْفِ رَجُلٍ وَسَبْعَةَ آلَافِ امْرَأَةٍ) رواه أبو نُعيم في الحلية وصحَّحه ابن حجر.

 

تاسعاً: حفظُ عشرِ آياتِ من أول سورة الكهف: قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ من أوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ) رواه مسلم، وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (فمَنْ أَدْركَهُ منكُم فلْيَقْرأ عليهِ فَوَاتِحَ سُورةِ الكهفِ، فإنها جِوَارُكُم من فتنتهِ) رواه أبو داود وصحَّحه الألباني.

 

عاشراً: أنَّ من أدركه فليفعل ما أرشدَ إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (إنَّ مَعَهُ نَهْراً من ماءٍ ونَهْراً من نارٍ، فأمَّا الذي تَرَوْنَ أنهُ نارٌ مَاءٌ، وأمَّا الذي تَرَوْنَ أنهُ ماءٌ نارٌ، فمَنْ أَدركَ ذلكَ منكُمْ فأرادَ الْمَاءَ فلْيَشْرَب من الذي يَرَاهُ أنهُ نارٌ، فإنهُ سَيَجِدُهُ مَاءً) رواه مسلم.

 

الحادي عشر: سُكنى المؤمن والمؤمنة لمكةَ والمدينة: قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (ليسَ من بَلَدٍ إلاَّ سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ إلاَّ مكَّةَ والمدينةَ، ليسَ لهُ من نِقابها نَقْبٌ إلاَّ عليهِ الملائكةُ صَافِّينَ يَحْرُسُونَها، ثمَّ تَرْجُفُ المدينةُ بأهلِها ثلاثَ رَجَفَاتٍ فيُخْرِجُ اللهُ كُلَّ كافرٍ ومُنافقٍ) رواه البخاري ومسلم، ومثلُهما المسجدُ الأقصى والطور: قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (وإنَّهُ يَلْبَثُ فيكُم أربعينَ صَبَاحاً، يَرِدُ فيها كُلَّ مَنْهَلٍ إلاَّ أَرْبَعَ مَساجدَ: مَسْجِدَ الحَرَامِ، ومَسْجِدَ المدينةِ، والطُّورِ، ومَسْجِدَ الأقْصَى) رواه الإمام أحمد وقال ابن حجر: (رجاله ثقات).

 

الثاني عشر: تركُ الفُرقةِ والاختلافِ بين المسلمين: قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (إنَّ الأَعْوَرَ الدَّجَّالَ مَسِيحَ الضلالةِ يَخْرُجُ من قِبَلِ الْمَشْرِقِ في زَمانِ اختلافٍ مِنَ الناسِ وفُرْقَةٍ) رواه ابن حبان وصحَّحه الألباني.

 

الثالث عشر: الاهتمام بالنساءِ في الدعوة، والحرص على تعليمهنَّ العلم الشرعي: قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (يَنْزِلُ الدَّجَّالُ في هذهِ السَّبَخَةِ بمَرِّ قَنَاةَ، فيكُونُ أَكْثَرَ مَن يَخْرُجُ إليهِ النِّساءُ، حتى إنَّ الرَّجُلَ لَيَرْجِعُ إلى حَمِيمِهِ وإلى أُمِّهِ وابْنَتِهِ وأُخْتِهِ وعَمَّتِهِ، فيُوثِقُها رِبَاطاً مَخَافَةَ أنْ تَخْرُجَ إليهِ) رواه الإمام أحمد وصحَّحه الشيخ أحمد شاكر.

 

الرابع عشر: كثرةُ ذِكْرِه على المنابرِ والتحذير منه: فقد جَعلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم من علاماتِ خُروجِ الدَّجَّالِ أن تترُكَ الأئمةُ ذكرَهُ على المنابرِ، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (لا يَخْرُجُ الدَّجَّالُ حتى يَذْهَلَ الناسُ عنْ ذِكْرِهِ، وحتى تَتْرُكَ الأئمَّةُ ذِكْرَهُ على الْمَنابرِ) رواه عبدالله في زوائده على المسند.

 

وقال ابن ماجه عقبَ روايتهِ لحديثِ أبي أُمامة في ذكرِ الدَّجالِ: (سَمِعتُ أبا الحَسَنِ الطَّنَافِسِيَّ يقولُ: سَمِعْتُ عبدَ الرحمنِ الْمُحَارِبيَّ يقولُ: «يَنْبَغي أنْ يُدْفَعَ هذا الحديثُ إلى الْمُؤَدِّبِ حتى يُعَلِّمَهُ الصِّبْيَانَ في الْكُتَّابِ) انتهى

 ==============

مقالات الالوكة المتعلقة 



يوم خروج الدجال (فانتظروا الدجال من يومه أو غده)
أمارات الساعة (3) المسيح الدجال
صفات الدجال
الوقاية من فتنة المسيح الدجال
شرح حديث: هم أشد أمتي على الدجال
أعظم فتنة في الأرض (فتنة الدجال) وأربعة عشر سببا للنجاة منه
فتنة المسيح الدجال (خطبة)

........................................
أشراط الساعة الكبرى (2) المسيح الدجال(مقالة - آفاق الشريعة)
المسيح الدجال(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
فتنة المسيح الدجال(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
من أخبار النبي صلى االله عليه وسلم عن المسيح الدجال وفتنته(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
فتنة المسيح الدجال(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
الدار الآخرة ( أشراط الساعة الكبرى - المسيح الدجال PDF )(كتاب - مكتبة الألوكة)
المسيح الدجال(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
فتنة المسيح الدجال(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
جويل ريتشاردسون المستشرق الذي يهيئ الروم لمبايعة المسيح الدجال(مقالة - ملفات خاصة)
فتنة المسيح الدجال(مقالة - آفاق الشريعة)
========================================

 

==================

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نور الدين ذنكي

اضغط الرابط لتفتح الدرايف